ملحوظة: أود أن أشير هنا إلى أن التعارض الموهم بين آية: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: ١٥].
وبين حديث (والموؤدة في النار) أيضاً قد يقع بين نفس الآية وأحاديث أخرى كحديث مسلم: (عن أنس أن رجلاً قال، يا رسول الله أين أبى؟ قال: (في النار) فلما قفَّى دعاه فقال: (إن أبي وأباك في النار)(١) وحينئذ يجاب عن هذا التعارض بين الحديث السابق والآية بنفس ما أجيب به عن الآية وحديث الوائدة.
- قال النووي: "قوله - ﷺ - :(إن أبي وأباك في النار) هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة" (٢).
" الخلاصة والترجيح:
المتأمل لكلام العلماء وآرائهم حول أهل الفترة يتبين له أن لا خلاف بينهم في أن الآية لا تعارض بينها وبين الحديث مطلقاً، وخلاصة ما ذكروه هي:
١- منهم من قال: إن الآية عامة خصصها لفظ الحديث كما قاله القرطبي.
٢- ومنهم من قال: إن الآية خاصة بعذاب الاستئصال في الدنيا كما قال أبو السعود وغيره.
٣- ومنهم من قال: إن أهل الفترة يعذبون وقطع القول في ذلك كما قال النووي. وعلى هذا فإن الاختلاف بين العلماء لم يقع في التعارض الموهم بين الآية والحديث وإنما هو فيمن مات من أطفال المشركين قبل الإسلام هل يدخل الجنة أم النار؟
ولما كان الراجح من آراء العلماء أنهم في الجنة - كما نص عليه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على "مسند أحمد" (٣)، رجح بذلك أن المراد بالعذاب في الآية عذاب الاستئصال في الدنيا لا عذاب الآخرة وعليه فلا معارضة بين ظاهر الآية والحديث لسببين هما:

(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان باب: بيان أن من مات على الكفر فهو في النار (١/١٩١، رقم ٢٠٣)
(٢) شرح النووي لصحيح مسلم (٣/ ٧٩).
(٣) تعليق شعيب الارنؤوط على مسند أحمد (٢٥/٢٦٩)، وانظر تفسير الطبري(٨/٥٠)، وتفسير ابن كثير (٣/٢٩)


الصفحة التالية
Icon