- ويدل هذا الكلام على أن الحديث يأمربالاجتهاد فيما لا نص فيه، لكن بشرط العلم معه بما يقتضيه من حيثيات أخرى كالعلم بالوجوه والأشباه والنظائر وعلوم اللغة وفقهها وغير ذلك من العلوم الأخرى التي يحتاج إليها المجتهد - وعلى الجانب الآخر تحذر الآية من الدخول إلى غمار هذا المعترك بدون تسلح له - ولذلك ذيلت الآية بقوله تعالى:
﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الاسراء: ٣٦].
كترهيب لمن يفعل ذلك بغير هدىً - بأنه سيسئل عن الجوارح جميعاً التي استخدمها - عند هذه المسائل وستشهد عليه يوم القيامة.
- وبهذا يتضح لنا أن ثمّة فرق بين معنى الآية ومعنى الحديث والله أعلم
- قال صاحب "المعتصر":- "قوله - ﷺ - (إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران وإذا حكم فأخطأ فله أجر) وهذا هو قول محققى الفقهاء فأما من دخل في الغلوّ حتى قال: إذا حكم بالاجتهاد ومعه الآلة التي بها تتم أهلية الاجتهاد فقد حكم بالحق الذي لو نزل القرآن ما نزل إلا به، فنعوذ بالله من قائله وهو محجوج بما لا يستطيع دفعه عنه - في ذلك". ا. هـ(١)

(١) معتصر المختصر ليوسف بن موسى الحنفى أبو المحاسن (٢/١١).


الصفحة التالية
Icon