- قال البيهقي حول شرحه حديث (إذا حكم الحاكم) الحديث: " فهذا النوع مما سوغ لهم فيه الشارع الاجتهاد مما ليس فيه نص حيث أمرهم بالاستباط وبالاجتهاد فيه - مع علمه بأن ذلك يختلف - بل وجعل للمصيب منهم أجرين، وللمخطىء أجر، وذلك على ما يحتمل من الاجتهاد ورفع عنه ما أخطأ فيه " إلى أن قال: " وكان الشافعي - رحمه الله - يجعل هؤلاء المختلفين في معنى المجتمعين حيث إن كل واحد منهم أدى ما كلف من الاجتهاد ولم يخالف كتاباً ولا سنة قائمة بلغته ولا إجماعًا ولا قياسًا صحيحاً عنده إنما نظر في القياس فأداه ما أدى إليه صاحبه كما أداه التوجه إلى البيت بدلائل النجوم وغيرها، فكل واحد منهم يكون مؤدياً في الظاهر ما كلف ويرفع عنه إثم ما غاب عنه أو أخطأه من التأويل الصحيح أو السنة الصحيحة أو القياس الصحيح إذ لم يكلف علمَ الغيب". ا. هـ(١)
- هذا وقد عدّ - النووي - من معانى قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ : تحريم الكذب على رسول الله - ﷺ - حتى في أمور الترغيب والترهيب - فقال: " فخالفوا قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ ا. هـ(٢).
وليعلم هنا أن العلماء قد اختلفوا في:
* هل كل مجتهد مصيب أم المصيب واحد وهو من وافق الحكم الذي عند الله تعالى؟ **رأيان للعلماء:
* والأصح: أن المصيب واحد كما رجّحه النووي - وقال: " هو قول الشافعي وأصحابه واستدلوا بهذا الحديث على ذلك - وقالوا: إنما سمى أحدهما مخطئاً لكونه أخطأ وإن كان له من الأجر فهذا على تعبه وإعمال عقله، ولو كان مصيباً لما سماه مخطئاً"ا. هـ(٣)
* الخلاصة:
مما سبق من كلام العلماء نستطيع أن نخلص إلى الآتي:
(٢) النووي بشرح مسلم (١٢ /١٤).
(٣) النووي بشرح مسلم (١ /٧٠)، وانظر: عون المعبود ( ٩/٣٥٤).