بهذا التوفيق الجيد الذي جمع به الطحاوي بين كلام ابن مسعود وهو لفظ البركة في الحديث - وبين التخويف الذي هو سببه إرسال الآيات كما في الآية - وعليه يكون معنى الآية والحديث معًا: وما نرسل بالآيات أي العلامات والمعجزات التي يظهرها الله على أيدي الأنبياء تصديقاً لدعوتهم - ما يرسل الله عز وجل بهذه الآيات إلا تخويفاً من ترك إعمال العقل والجوارح فيما دلت عليه هذه الآيات فمن خاف رجا - ومن رجا عمل - فتحصل له البركة.
الوجه الثاني:
قال ابن حجر: " قوله: (بركة وأنتم تعدونها تخويفاً) الذي يظهر أنه أنكر عليهم عدّ جميع الخوارق تخويفاً وإلا فليس جميع الخوارق بركة فإن التحقيق يقتضي عدّ بعضها بركة من الله كشبع الخلق الكثير من الطعام القليل - وبعضها بتخويف من الله ككسوف الشمس والقمر كما قال - ﷺ - :(إن الشمس والقمر من آيات الله يخوف الله بهما عباده).
وكأن القوم الذين خاطبهم عبد الله بن مسعود بذلك تمسكوا بظاهر قوله تعالى:
﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ ووقع عند الإسماعيلي من طريق الوليد بن القاسم(١) عن إسرائيل في أول هذا الحديث: سمع عبدالله بن مسعود بخسف فقال: كنا أصحاب محمد نعدّ الآيات بركة.... الحديث " ا. هـ(٢)
* الخلاصة:
... انظر: الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (٣/١٨٦) رقم (٣٦٦٤)، والجرح والتعديل (٩/١٣) رقم (٥٨).
(٢) فتح الباري لابن حجر (٦/٥٩١).