" وجه موهم التعارض:
ظاهر الآية يفيد تكريم بني آدم على سائر المخلوقات بينما ظاهر الحديث يفيد عدم إطلاق ذلك التكريم.
" الدراسة:
أولاً: تفسير الآية:
قال البغوي:
"قوله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ ِ ﴾ رُوي عن ابن عباس أنه قال: هو أنهم يأكلون بالأيدي، وغير الآدمي يأكل بفيه من الأرض. وروي عنه أنه قال: بالعقل. وقال الضحاك: بالنطق. وقال عطاء: بتعديل القامة وامتدادها، والدواب منكبة على وجوهها.
وقيل: بحُسن الصورة. وقيل: الرجال باللحى، والنساء بالذوائب. وقيل: بأن سخر لهم سائر الأشياء، وقيل: بأن منهم خير أمة أخرجت للناس.
﴿ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ أي: حملناهم في البر على الدواب، وفي البحر على السفن.
﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ يعني: لذيذ المطاعم والمشارب.
قال مقاتل: السمن، والزبد، والتمر، والحلوى، وجعل رزق غيرهم ما لا يخفى.
﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ وظاهر الآية أنه فضلهم على كثير ممن خلقهم لا على الكل.....
وفي تفضيل الملائكة على البشر اختلاف، فقال قوم: فضلوا على جميع الخلق وعلى الملائكة كلهم، وقد يوضع الأكثر موضع الكل، كما قال تعالى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ أي كلهم". اهـ(١).
قال الحافظ ابن كثير:
"يخبر تعالى عن تشريفه لبني آدم وتكريمه إياهم في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها كقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ أي يمشي قائمًا منتصبًا على رجليه ويأكل بيديه، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه، وجعل له سمعًا وبصرًا وفؤادًا، يفقه بذلك كله وينتفع به، ويفرّق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية.

(١) تفسير البغوي (٥/١٠٨).


الصفحة التالية
Icon