قال الطبري:" يقول تعالى ذكره: ولولا أن ثبتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة ﴿ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾.
- يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئن شيئاً قليلاً". اهـ(١)
فالآية تثبت أن الرسول الله - ﷺ - كاد أن يميل إلى فتنة هؤلاء - بينما ينفى ذلك الحديث ويثبت له العصمةً - ﷺ - فكأن بين ظاهر الآية والحديث تعارضاً من هذه الجهة.
" الدراسة::
دفع إيهام التعارض:
مسالك العلماء لدفع هذا التعارض:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين ظاهر الآية والحديث مسلك الجمع وذلك من وجهين:
الوجه الأول: منهم من قال: إن هذا خطاب الخاص يراد به العام - فالمخاطب هو الرسول - ﷺ - والمراد الأمة من بعده، وهو كقوله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [سورة الطلاق: ١]
فخاطب الله تعالى- الأمة - لكن في شخص الرسول - ﷺ - لأجل أنه القدوة.
قال القرطبي: " وقال ابن عباس كان رسول الله - ﷺ - معصومًا ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شىء من أحكام الله وشرائعه ".
وقال أيضاً: " قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام: (اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين).
وقيل: ظاهر الخطاب للنبى - ﷺ - وباطنه إخبار عن ثقيف، والمعنى: وإن كادوا ليركنونك أى كادوا يخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم فنسب فعلهم إليه مجازاً واتساعًا كما تقول لرجل كدت تقتل نفسك أى كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت ذكره المهدوي.
وقيل: ما كان منه همّ بالركون إليهم بل المعنى: ولولا فضل الله عليك لكان منك ميل إلى موافقتهم ولكن تمّ فضل الله عليك فلم تفعل، ذكره القشيرى " ا. هـ(٢)

(١) تفسير الطبري (٨/١١٩).
(٢) تفسير القرطبي (١٠/٣٠٠).


الصفحة التالية
Icon