الثالث: قول عائشة وابن عباس أيضاً وهو الصحيح كما في "صحيح مسلم"(١) عن زرارة ابن أوفى(٢) أن سعد بن هشام بن عامر(٣) أراد أن يغزوَ في سبيل الله... الحديث - وفيه: فقلتُ لعائشةَ - أنبئيني عن قيام رسول الله - ﷺ - ؟ فقالت: ألست تقرأ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ قلتُ: بلى. قالت: فإن الله عزّ وجلّ افترض قيام الليل في أول السورة فقام رسولُ الله - ﷺ - وأصحابُه حولاً وأمسك الله عز وجل خاتمتها اثني عشرَ شهراً في السماء حتى أنزل اللهُ عز وجل في آخر هذه السورة التخفيفَ فصار قيامُ الليل تطوعاً بعد فريضة. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن جبير: مكث النبيُ - ﷺ - وأصحابُه عشرَ سنينَ يقومون الليل فنزل بعد عشر سنين: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ﴾ فخفف الله عنهم"ا. هـ(٤).
وبالاستقراء لكتب أسباب النزول نجد أن سورتي الإسراء والمزمل مكيتان إلا آية من سورة الإسراء - على الراجح.
(٢) زرارة بن أوفى العامري الحرشي أبو حاجب البصري، قاضيها، وثقه النسائي وابن سعد. روى عن أبي هريرة وابن عباس وروى عنه قتادة وأيوب وبهز بن حكيم. عن يحيى بن معين قال: زرارة بن أوفى ثقة. مات وهو ساجد رحمه الله، توفي سنة ٩٣هـ.
... انظر: خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (١/١٢١)، والتاريخ الكبير (٣/٤٣٨) رقم (١٤٦١)، والجرح والتعديل (٣/٦٠٣)، رقم (٢٧٢٧).
(٣) سعد بن هشام بن عامر الأنصاري، ثقة من الثالثة، استشهد بأرض الهند.
... انظر: التقريب (ص ٣٧٢) رقم (٢٢٧١).
(٤) تفسير القرطبي (١٩/٣٤) وانظر تفسير الوجيز للواحدي (١/١٠٥٣)، والناسخ والمنسوخ لابن سلامة (١/٢٧)، والبرهان للزركشي (١/١٩٣).