" وجه التعارض بين ظاهر الآية والحديثين:
فالآية كما قال القرطبي - رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾ [الكهف: ٢٦]: قيل: بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم على قول مجاهد، أو إلى أن ماتوا على قول الضحاك - رحمه الله -(١).
والواضح من قوله: موتهم من بعد بعثهم من رقدتهم، وعلى هذا المعنى فهو يتعارض مع الحديث الذي يوضح أن أصحاب الكهف سيكونون مع عيسى ابن مريم عليه السلام ويحجّون معه... فظاهر الآية: موتهم، وظاهر الحديث: أنهم نيام كما كانوا وأجسادهم محفوظة حتى ينزل عيسى عليه السلام، فيخرجون معه - إن صح الحديث.
" الدراسة:
أولاً: معنى الآية:
قد ذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية وسابقتها: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ ﴾ الآية: أن فيها قولين:
أحدهما: أن هذا قول اليهود، وقيل: بل نصارى نجران أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا، فرد الله تعالى عليه قولهم، وقال لنبيه: ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾.
ثانيهما: أن هذا إخبار من الله تعالى بهذا العدد عن مدة بقائهم في الكهف من حين دخلوه إلى أن ماتوا فيه(٢)، وبنحوه حكاه الماوردي، والبغوي، وابن عطية، وابن الجوزي، وغيرهم(٣).
وممن ذهب إلى القول الأول فيما رواه الطبري: قتادة، و مطر الوراق(٤)

(١) انظر: تفسير القرطبي (١٠/٣٨٧).
(٢) انظر: تفسير الماوردي (٣/٣٠٠)، وتفسير البغوي (٥/١٦٤-١٦٥)، والمحرر الوجيز لابن عطية (٩/٢٨٢-٢٨٣)، وزاد المسير لابن الجوزي (٥/١٣٠-١٣١)، والتفسير الكبير للفخر الرازي (٢١/١١).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٨/٢١٠).
(٤) هو مطر بن طهمان الوراق، أبو رجاء السلمي مولاهم الخراساني، سكن البصرة، صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف، من السادسة، مات سنة خمس وعشرين ويقال: سنة تسع. أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم والأربعة.
... انظر: التقريب (ص ٩٤٧) رقم (٦٧٤٤)، وتهذيب التهذيب (ص ٣٣٨).


الصفحة التالية
Icon