الوجه الرابع: تبين أيضاً أن هذه الأحاديث وما شابهها لم يذكرها إلا قليل جداً كابن عطية، والقرطبي نقلاً عنه، وقد أشار المناوي إليها في "فيض القدير" نقلاً عن البسطامي(١) في كتاب (الجفر الأكبر)، فقال: (يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة، ويتزوج في العرب، فيولد له أولاد ويكون على مقدمة عسكر عيسى أصحاب الكهف، يحييهم الله في زمانه؛ ليكونوا من أنصاره إلى الله) (٢).
الوجه الخامس: مما يعارض هذا الحديث ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه مر بالشام في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله، فمشى الناس إليه فوجدوا عظامًا، فقالوا: هذه عظام أصحاب الكهف، فقال لهم ابن عباس رضي الله عنهما: أولئك فنوا، وعدموا منذ مدة طويلة، فسمعه راهب فقال: ما كنت أحسب أن أحداً من العرب يعرف هذا، فقيل له: هذا ابن عم نبينا - ﷺ - (٣).
فهذا الأثر واضح الدلالة في فناء وموت أصحاب الكهف، وهذا كله لا ينفي قدرة الله على إحيائهم في أي وقت شاء، فله ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير وهو الذي يخلق ما يشاء ويختار.
* الخلاصة:
(٢) انظر: فيض القدير (٦/٦٠١).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٨/١٩٧، ٢٢٩٥٧)، وهو جزء من أثر طويل، وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز (٩/٢٨٧)، والقرطبي في تفسيره (١٠/٣٨٨) وابن كثير في تفسيره (٩/١١٩-١٢٠).