٢- إنه (لما شاعت قصة أهل الكهف حين نزل بها القرآن صارت حديث النوادي فكانت مثار تخرّصات في معرفة عددهم، وحصر مدة مكثهم في كهفهم، وربما أملى عليهم المتنصرة من العرب في ذلك قصصًا، وقد نبههم القرآن إلى ذلك، وأبهم على عموم الناس الإعلام بذلك لحكمة، وهي أن تتعود الأمة بترك الاشتغال فيما ليست منه فائدة للدين أو للناس) (١)، وفي القَدْر الذي ذكره ربنا من قصتهم وما يتعلق بشأنهم كفاية لمن أراد الوقوف على أمرهم والاعتبار والاتعاظ، وأخيرا لا حاجة إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم، ولكن إذا أطلعنا الله ورسوله على أمر قلنا به وإلا وقفنا والله أعلم.
*... *... *
مسألة: تنزيه الله تعالى عن الظلم
سورة الكهف (الموضع الثاني)
قال تعالى: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: ٤٩]
الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض مع الآية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - ﷺ - قال: (اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة: يا رب، ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهُم، وقالت: النار - يعني: أوثرتّ بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي، أصيب بك من أشاء، ولكل واحدٍ منكما مِلؤها، قال: فأمَّا الجنَّة فإن الله لا يظلمُ من خلقه أحدًا، وإنه يُنشئ للنار من يشاء، فيلقون فيها، فتقول: هل من مزيد ثلاثًا، حتى يضع فيها قدمه فتمتلئ ويُرد بعضها إلى بعض، وتقول: قط، قط)(٢).
" وجه موهم التعارض:

(١) انظر التحرير والتنوير لابن عاشور (١٥/٢٩٠-٢٩١).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (٧٤٤٩)، ومسلم في كتاب الجنة، ونعيمها، باب: النار يدخلها الجبَّارون، والجنة يدخلها الضعفاء (٢٨٤٦)


الصفحة التالية
Icon