في الآية وصف الله تعالى بالعدل وانتفاء الظلم عنه وفي الحديث إن الله ينشأ للنار خلقاً فيلقون فيها مما يوهم حدوث الظلم من الله تعالى عن ذلك.
" الدراسة:
أولاً: تفسير الآية:
قال البغوي - رحمه الله -: " قوله تعالى: ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ﴾ أي: مكتوبًا مثبتًا في كتابهم، ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ أي: لا ينقص ثواب أحد عمل خيرًا.
وقال الضحاك - رحمه الله -: لا يؤاخذ أحدًا بجرمٍ لم يعمله "(١). اهـ.
ثانياً: شرح الشاهد من الحديث:
قوله في آخر الحديث: (ولا يظلم الله من خلقه أحدًا): يُحتمل أنه راجع إلى ما قلناه وأنه - تعالى - يعذب من يشاء ابتداءً ويخلقه لذلك، غير ظالم له، كما قال: (أعذب بك من أشاء من عبادي) ويحتمل أنه راجعٌ إلى ذكر محاجة الجنة والنار، وأن الذي جعل لكل واحد منهما عدلٌ منه وحكمة، باستحقاق كل طائفة منهم لذلك، ولم يظلم أحدًا منهم.
وفي جملة هذا الحديث، وأن النار تحتاج إلى مزيد، وأن الجنة يبقى فيها فضل حتى تمتلئ أي ممن ذكره، دليلٌ على عِظمها، وسعة أقطارها، مع ما جاء أنه يعطي للواحد مثل الدنيا وعشرة أمثاله، فسبحان القادر على ما يشاء الواسع الرحمة والعطاء، العظيم الملك الفعال لما يشاء (٢). ا هـ.
" دفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديث:
مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض:
لقد سلك العلماء لدفع موهم ذلك التعارض بين ظاهر الآية والحديث المسالك التالية: الجمع والترجيح والتوقف:
أولاً: مسلك الجمع:
وهو أن المراد بالحديث أنه يعذب من يشاء ابتداء ويخلقه لذلك دون ظلم له (٣) فلا تعارض حينئذ.
ثانياً: مسلك الترجيح:
وذلك من وجهين:
الوجه الأول:
(٢) إكمال المعلم (٨/٣٧٧-٣٨٠).
(٣) المرجع السابق.