وهو ما ذهب إليه الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - حيث قال: إن هذا الحديث منقلب على الراوي وصوابه: (أنه يبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة وذلك لأنه في إنشائه أقواماً للنار ينافي كما عدله تعالى، فكيف ينشىء أقواماً للعذاب، ولأنه ينافي الحديث الصحيح (لا يَزال يُلقى في النار وهي تقول هل من مزيد، حتى يضع الله تعالى عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقولُ: قط قط) وهذا ظاهرة تعرف بلقب المتن يعتني بها الفقهاء (١).
قلت: وهذا الكلام من قبيل الفتح الرباني على الشيخ رحمه الله وهي في نظري القول المسدد.
الوجه الثاني:
ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم أن النبي - ﷺ - قال: (لا يزال يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه - وفي رواية فيضع قدمه عليها - فتقول: قط قط وينزوي بعضها إلى بعض - أي تقول: حسبي -، وأما الجنة فيبقى فيها فضل فينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضول الجنة). هكذا رُوي في الصحاح من غير وجه ووقع في بعض طرق البخاري غلط قال فيه: (وأما النار فيبقى فيها فضل)، والبخاري رواه في سائر المواضع على الصواب ليبين غلط هذا الراوي، كما جرت عادته بمثل ذلك إذا وقع من بعض الرواة غلط في لفظ ذكر ألفاظ سائر الرواة التي يعلم بها الصواب وما علمت وقع فيه غلط إلا وقد بين فيه الصواب) (٢).
ثالثاً: مسلك التوقف:

(١) شرح المنظومة البيقونية (ص٧٤- ٧٥).
(٢) منهاج السنة النبوية (٥/١٠٠-١٠٢).


الصفحة التالية
Icon