أما حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها الذي رواه الشيخان فقال فيه ابن بطال(١): هذه الأحاديث كلها مما أنذر النبي عليه السلام بها أمته، وعرّفهم قرب الساعة لكي يتوبوا قبل أن يهجم عليهم وقت غلق باب التوبة حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج من آخر الأشراط، فإذا فتح من ردمهم في وقته عليه السلام مثل عقد التسعين أو المائة، فلا يزال الفتح يستدير ويتسع على مرّ الأوقات، وهذا الحديث في معنى قوله عليه السلام: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار بإصبعيه السبابة والتي تليها (٢). ثم ذكر قول ابن قتيبة(٣):

(١) ابن بطال، هو أبوالحسن علي بن خلف بن عبدالملك بن بطال، الإمام الحافظ المالكي البكري، أصله من قرطبة، وأخرجته الفتنة إلى بلنسية، وكان عالماً فقيهاً عنى بالحديث، له شرح على صحيح البخاري، وولي القضاء وروى عنه جماعة، وله كتاب الاعتصام في الحديث، وفاته كانت سنة ٤٤٤هـ.
... انظر: التاج المكلل (ص ٣٠٠) رقم (٣٢٤)، وسير أعلام النبلاء (١٨/٤٧).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: سورة والنازعات من حديث سهل بن سعد (٤٩٣٦)، ومسلم في كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة (٢٩٥٠). وله شواهد من حديث أنس وأبي هريرة في الصحيح، انظر: الجمع بين الصحيحين لعبد الحق الإشبيلي (٤/٢٣١-٢٣٢).
(٣) ابن قتيبة، ويقال: القتبي، هو أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الكوفي، مولده بها، وإنما سمي الدينوري لأنه كان قاضي الدينور، وكان صادقاً فيما يرويه، عالماً باللغة والنحو وغريب القرآن ومعانيه والشعر والفقه، كثير التصنيف والتأليف، توفي سنة سبعين ومائتين. وتصانيفه كلها مفيدة منها: غريب القرآن، وغريب الحديث، ومشكل القرآن، ومشكل الحديث، توفي سنة ٢٧٦هـ.
... انظر: الفهرست (ص ١٠٥)، التاج المكلل (ص ٤٩) رقم (٤٠)، وتاريخ بغداد (١٠/١٧٠) رقم (٥٣٠٩)، وتهذيب الأسماء (٢/٥٥) رقم (٩٢٥).


الصفحة التالية
Icon