والخبث: الفسوق والفجور، والعرب تدعوا الزنا خبثًا وخبيثة (١) انتهى.
وقال الحافظ في (الفتح): المراد بالردم: السد الذي بناه ذو القرنين، ثم قال: (وكأنها - زينب- فهمت من فتح القدر المذكور من الردم أن الأمر إن تمادى على ذلك اتسع الخرق بحيث يخرجون، وكان عندها علم أن في خروجهم على الناس إهلاكًا عامًا لهم)(٢).
أما حديث أبي هريرة، فقد ذكره الحافظ ابن كثير في (تفسيره) وقال: (وإسناده جيّد قوي ولكن متنه في رفعه نكارة؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه؛ لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار)(٣). ثم ذكر الحديث وقال: (ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب، فإنه كثير ما كان يجالسه ويحدثه فحدث به أبو هريرة، فتوهّم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه - والله أعلم-).
ثم قال: (ويؤيد ما قلناه من أنهم لم يتمكنوا من نقبه ولا نقب شيء منه، ومن نكارة هذا المرفوع قول الإمام أحمد...)(٤)، وذكر حديث زينب بنت جحش السابق ونفس الحديث من طريق أبي هريرة(٥).
وقد تعقب الشيخ الألباني - رحمه الله- كلام ابن كثير رحمه الله مثبتاً خطأه - رحمه الله- في استنكاره السابق قائلاً: (نعم ولكن الآية لا تدل من قريب ولا من بعيد أنهم لن يستطيعوا ذلك أبدًا فالآية تتحدث عن الماضي والحديث عن المستقبل الآتي فلا تنافي ولا نكارة بل الحديث يتمشى تمامًا مع القرآن. في قوله: ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾.
وبعد كتابة هذا رجعت إلى القصة في كتابه (البداية والنهاية) فإذا به أجاب بنحو هذا الذي ذكرتُه مع بضع ملاحظات أخرى)(٦).

(١) انظر: شرح ابن بطال (١٠/١١- ١٢).
(٢) فتح الباري (١٣/١٠٧- ١٠٩).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/٨٥، ٢٤٨٠٥).
(٤) انظر: تفسير ابن كثير (٤/١٩٤).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) انظر: السلسلة الصحيحة ( ٤/٣١٤- ٣١٥، ١٧٣٥).


الصفحة التالية
Icon