"إن تعارض الأدلة الشرعية فيه تكليف بما لا يطاق وهو ما لا يتصور أن يأتي به الشارع الحكيم" (١).
٧- قال الإمام النسفي:
"إن القول بوجود التعارض في الحقيقة ونفس الأمر لا في الذهن والتوهم - يلزم منه الجهل بعواقب الأمور وكل هذا مما يجب تنزيه الله تعالى عنه عقلاً وشرعاً" (٢).
٨- قال الشاطبي - رحمه الله -:
"إن تعارض الأدلة الشرعية في نفس الأمر يلزم منه إبطال العمل بالناسخ والمنسوخ - وهذا إنما يكون العمل به عندما تتعارض الأدلة بحيث لا يمكن الجمع بينها -ولو كان التعارض حقيقيا لكان إثبات ناسخ ومنسوخ لدفع التعارض لا قيمة له كما أن العمل بالناسخ والمنسوخ معا باطل إجماعاً" (٣).
أقول: إذاً لا يوجد تعارض حقيقي بين الأدلة الشرعية مطلقاً وبين القرآن والسنة على وجه الخصوص - وما يحسبه البعض تعارضاً فهو وهم ظاهري ليس له حقيقة في الواقع على نحو ما ذكرت أنفاً ويؤيده بعض ما أثر عن أعلام الأمة وعلمائها مزيد على ما سبق:
وقد رُوى َعن سعيدِ بن ِجبيرٍ رضي الله عنه: أنه حدّثَ عن رسول الله - ﷺ - حديثاً فقال رجل: إن الله عز وجل قال في كتابه كذا وكذا، فقال: (لا أراك تعارض حديث رسول الله - ﷺ - بكتاب الله عز وجل - رسول الله أعلم بكتاب الله عزّ وجل)(٤).
وقال الشافعي - رحمه الله -:
"إن الله تعالى وضع نبيه ﷺ من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه فالفرض على خلقه أن يكونوا عالمين بأنه لا يقول فيما أنزل الله عليه إلا بما أُنزل عليه وأنه لا يخالف كتاب الله وأنه بين عن الله تعالى معنى ما أراد الله"(٥).
(٢) كشف الأسرار للنسفي (٢/٨٨)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج (٣/٣).
(٣) الموافقات (٥/٦١ -٦٢، ٣٤٢) بتصرف.
(٤) الشريعة للآجري (١/٤١٧ -٤١٨).
(٥) الأم للشافعي (٧/٢٨٩).