أنه لا تعارض بين حديث ابن مسعود وآية [الكهف: ١٠٥] بالنسبة لما يخص مسألة الوزن يوم القيامة، ففي الحديث إثبات الميزان في حق المؤمنين الصالحين الذين منهم عبد الله بن مسعود، وهو لا يتعارض مع الآية بل يوافقها (بمفهوم المخالفة) والمعنى يكون على: أن المشرك الكافر المرائي ليس له وزن أو قيمة عند الله عز وجل، ولو جاء بأعظم الأعمال بلا خلاف؛ للحديث السابق وعشرات الآيات التي منها قوله تعالى: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: ٨: ٩].
أما المؤمن المخلص فأصغر الأعمال تزن عند الله كأعظم الجبال طالما لازم صاحبها الإخلاص والمتابعة.
وقد قال الطاهر بن عاشور فيها: اختلف علماء السلف في المراد من الموازين أهو الحقيقة أم المجاز؟ فذهب الجمهور إلى أنه حقيقة، وأن الله يجعل في يوم الحشر موازين لوزن أعمال العباد تشبه الميزان المتعارف،..... واتفق الجميع على أنه مناسب لعظمة ذلك لا يشبه ميزان الدنيا، ولكنه على مثاله تقريبًا. (١).
وقال البربهاري(٢): والإيمان بالميزان يوم القيامة، يوزن فيه الخير والشر، له كفتان ولسان(٣).
*... *... *
مسألة: الجهر والسر في الدعاء
سورة مريم (الموضع الأول)
قال تعالى: ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم: ٣].
الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآية:
(٢) البربهاري، شيخ الحنابلة القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري، الفقيه، كان قوالاً بالحق داعية إلى الأثر، لا يخاف في الله لومة لائم.
... انظر: سير أعلام النبلاء (١٥/٩٠) رقم (٥٢).
(٣) شرح السنة للبربهاري (ص ١٥، ٤٢).