قال الإمام الطبري - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (يقول بخشوع قلوبكم وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه، لا جهارًا مراءاة وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته وربوبيته، فعل أهل النفاق والخداع لله ولرسوله)(١).
وقد قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾ : النداء بمعنى: الدعاء، وفي علّة إخفائه ثلاثة أقوال:
أحدهما: ليبعد عن الرياء، وهو قول ابن جريج.
ثانيهما: لئلا يقول الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يسأل الولد على الكبر، قاله مقاتل.
ثالثهما: لئلا يعاديه بنو عمه، ويظنوا أنه كره أن يَلُوا مكانه بعده، ذكره أبو سليمان الدمشقي. ويحتمل أن إخفاء الدعاء أخلص للدعاء وأرجى للإجابة، للسنة الواردة فيه(٢): (إن الذي تدعونه ليس بأصم)(٣).
" دفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديثين:
مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين الآية والحديثين مسلك الترجيح:
بعد أن انقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: أن الأفضل: الإسرار بالدعاء دون الجهر(٤)، وهو قول: الحسن، ومجاهد والطبري.
الفريق الثاني: الجهر بالدعاء جائز، ولا تعارض مع الإسرار(٥).
أدلة الفريق الأول:
(٢) انظر: تفسير الماوردي (٣/٣٥٤)، وزاد المسير (٥/٢٠٦-٢٠٧)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير(٩/٢١٤)
(٣) جزء من الحديث أخرجه البخاري في كتاب: الجهاد والسير باب: ما يُكره من رفع الصوت في التكبير (٢٩٩٢) ومسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر (٢٧٠٤)
(٤) ذكر الآيات الدالة على ذلك في أول المسألة.
(٥) انظر: سباحة الفكر (ص٦٢).