وجه الدّلالة: فهذا الحديث الصحيح يدل على عدم رفع الصوت بالدعاء، وذلك كما قال النووي: أربعوا: بهمزة وصل، وبفتح الباء الموحدة، معناها: ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبُعد من يخاطبه ليسمعه، وأنتم تدعون الله تعالى، وليس هو بأصم ولا غائب، بل هو سميع قريب وهو معكم بالعلم والإحاطة.
ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع الحاجة إلى رفعه، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه).. (١).
٣- من المعقول: أن الدعاء الخفيّ أفضل؛ لكونه بعيدًا كل البعد عن الرياء، وأفضلية السر للتضرع والخيفة، والشريعة تحض عليه والإسرار به(٢).
ثانياً: أدلة القائلين بالجهر في الدعاء:
١- من السنة: استدلوا بحديثي أنس وأبي هريرة رضي الله عنهما الواردين في (الصحيحين) النبي - ﷺ -، وقد سبق ذكرهما(٣). فهذه الأحاديث الصحيحة يظهر منها ومن نظائرها صراحة أو إشارة أن لا كراهة في الجهر، بل فيه ما يدل على جوازه أو استحبابه(٤).
٢- من المعقول: أن الجهر بالدعاء له أثر في ترقيق القلوب، ما ليس في السر، وأن الأحاديث لا تتعارض مع السر بالدعاء(٥).
" الرد على المجيزين للإسرار بالدعاء:
الرَّدُ على القائلين بأن خير الدعاء وأفضله ما كان سرًا، يناقش من أوجه:
(٢) سبق تخريجه في سياق الفكر في الجهر بالذكر (ص ٣١).
(٣) سبق تخريجهما.
(٤) انظر: سباحة الفكر في الجهر بالذكر (ص٦٢).
(٥) انظر: المصدر السابق.