وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ وهذا يحتمل وراثة الملك ووراثة النبوة، وقد يقال: أورثني هذا غمًا وحزنًا. وقد ثبت أن اللفظ محتمل لتلك الوجوه" (١).
مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض:
ولقد سلك العلماء لدفع إيهام التعارض مسلكي الجمع والترجيح:
المسلك الأول: مسلك الجمع:
هناك من جمع بين هذين القولين- ولعله انفرد بهذا - وهو الفخر الرازي فقال: "الأولى أن يحمل ذلك على كل ما فيه نفع وصلاح في الدين، وذلك يتناول النبوة والعلم والسيرة الحسنة والمنصب النافع في الدين والمال الصالح، فإن كل هذه الأمور مما يجوز توفر الدواعي على بقائها؛ ليكون ذلك النفع دائمًا مستمرًا" (٢).
المسلك الثاني: مسلك الترجيح:
وقد اختلف العلماء في هذا إلى قولين:
القول الأول: أن المراد الميراث هو ميراث المال فالنهي هو من خصائص النبي - ﷺ - وبه قال الحسن البصري، وابن علية، وحكاه عنه ابن عبد البر(٣)، وأبو صالح(٤) وقال الطبري في الآية: " يرثني من بعد وفاتي مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب"(٥).
وقال الفخر الرازي: واحتج من حمل اللفظ على وراثة المال بالخبر والمعقول.

(١) التفسير الكبير (٢١/١٨٤).
(٢) التفسير الكبير (٢١/١٨٤).
(٣) انظر طرح التثريب (٦/٢٤٠- ٢٤١)، والتلخيص الحبير (٣/٢٣٤- ٢٣٥).
(٤) أبو صالح ذكوان المدني السمان، سمع منه الأعمش ألف حديث، قال أحمد: ثقة ثقة، شهد الدار، توفي سنة ١٠١هـ، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة فنسب إليهما، وهو مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني.
... انظر: خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (١/١١٢)، ومولد العلماء ووفياتهم (١/٢٤٢)، والثقات (٤/٢٢١) رقم (٢٦١١).
(٥) تفسير الطبري (٨/٣٠٨).


الصفحة التالية
Icon