وأما قوله عليه السلام: (إنا معشر الأنبياء لا نورث)(١)... الحديث فهذا لا يمنع أن يكون خاصًا به(٢).
" وجه الدلالة من هذا الاحتجاج:
يرى من احتج بالخبر والمعقول أن زكريا طلب الولد من ربه ليرثه ماله، وهذا لا يتعارض عندهم مع قول النبي - ﷺ - :(لا نورث...) الحديث؛ لأنه خاص بالنبي - ﷺ - وحده وإنما تكلم عن نفسه - ﷺ - بصيغة الجمع.
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال من وجهين(٣):
١- بما عُلم من حال الأنبياء أن أهتماهم لا يشتد بأمر المال كما يشتد بأمر الدين وقيل: لعله أوتي من الدنيا ما كان عظيم النفع في الدين فلهذا كان مهتمًا به.
٢- أما قوله عليه السلام: (إنا معشر الأنبياء) فهذا وإن جاز حمله على الواحد كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ لكنه مجاز وحقيقته الجمع والعدول عن الحقيقة من غير موجب لا يجوز، لاسيما وقد روي قوله: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث).
وللبعد عن الإطناب والتكرار في مناقشة أصحاب القول الأول ليتأمل دليل أصحاب القول الثاني وكلامهم.
القول الثاني:

(١) الديلمي في الفردوس (١/٥٣، ١٣٩) من حديث أبي بكر، وكذا الطبراني في الأوسط (٥/٢٦، ٤٥٧٨)، وقال الحافظ في التلخيص الحبير (٣/١٠٠): " إسناده على شرط مسلم ".
(٢) انظر التفسير الكبير (٢١/١٨٤).
(٣) انظر المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon