الأول: إما أن يكون أحدهما أقل معاني من الآخر، أو يكون أحدهما حاظراً والآخر مبيحاً أو يكون أحدهما موجباً، والثاني نافياً - فواجب هاهنا أن يستثنى الأقل معاني من الأكثر معاني وذلك مثل أمره - عليه السلام - ألا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، وأذن للحائض أن تنفر قبل أن تودع، فوجب استثناء الحائض من جملة النافرين "..... إلى أن قال: " ومثله قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ - مع إباحته المحصنات من نساء أهل الكتاب بالزواج، فكن بذلك مستثنيات من جملة المشركات وبقي سائر المشركات على التحريم.
ومثله قوله - عليه السلام: (دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) مع قوله تعالى ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
- وأمر على لسان نبيه محمد - ﷺ - بقتل من ارتد بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفساً أو شرب خمراً بعد أن حُدّ فيها ثلاثاً وأباح قتل من سعى في الأرض فساداً - وأمر بأخذ أموال معروفة في الزكوات والنفقات والكفارات وأمر بتغيير المنكر باليد فكان كل ذلك مستثنى من جملة تحريم الدماء والأموال والأعراض وبقى سائرها على التحريم.