فقال: إن ترك الغسل منه هو الموافق لمعهود الأصل - إذ الأصل لا غسل على أحد إلا أن يأمره الله بذلك فلما جاء الأمر بالغسل وإن لم ينزل علمنا يقينا أن هذا الأمر قد لزمنا وأنه للحكم الأول بلا شك، ثم لا ندري أنسخ بالحديث الذي فيه أن لا غسل على من أكسل أم لا؟ فلم يسعنا ترك ما أيقنا أننا أمرنا به إلا بيقين ". ا. هـ ملخصا (١). ثم ذكر ابن حزم وجها خامساً فقال: " وهاهنا وجها خامسا ظنه أهل الجهل تعارضاً ولا تعارض فيه أصلا ولا إشكال: وذلك ورود حديث بحكم ما في وجه ما --- وورود حديث آخر بحكم آخر في ذلك الوجه بعينه فظنه قوم تعارضاً وليس كذلك، ولكنهما جميعاً مقبولان ومأخوذ بهما ونحو ذلك ما روى عن النبي - ﷺ - نهيه عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها مع قوله تعالى وقد ذكر ما حرم من النساء - فقال تعالى:
﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ﴾ فكان نهي النبي - ﷺ - مضافاً إلى ما نهى الله عنه في هذه الآية المذكورة ومثل ما حرم الله على لسان نبيه - ﷺ - من لحوم الحمر والسباع وذوات المخالب من الطير مع قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ فكان ما حرمه الله على لسان نبيه - ﷺ - مضافاً إلى ما في هذه الآية ومضموماً معه ". ا. هـ (٢).
(٢) المرجع السابق ( ٢/ ١٦٩ ) بتصرف