هذا وقد نبه ابن حزم على أن الأحاديث لا تتعارض والآيات القرآنية لقوله تعالى:
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ مع إخباره تعالى أن كل ما قال نبيه - ﷺ - فإنه وحى فبطل أن يكون في شيء من النصوص تعارض أصلاً ا. هـ(١).
وقد ذكر بعضهم أن من أسباب إيهام التعارض:
- الجهل بالناسخ والمنسوخ، فإذا ثبت ذلك ثبت أن التعارض ليس بأصل وكان الأصل في الباب طلب ما يدفع التعارض وإذا جاء العجز وجب إثبات التعارض ثم قالوا: ولأن تعارض النصين كان لجهلنا بالناسخ، والجهل لا يصلح دليلاً شرعياً لحكم شرعي، وهو
(الاختيار) ا. هـ(٢)
***وقالوا أيضاً: الجهل بالتاريخ لا يصلح دليلاً شرعياً على حكم شرعي من حيث العلم لا من حيث العمل بينما الاختيار حكم شرعي لا يجوز أن يثبت باعتبار هذا الجهل. ا. هـ.
وقالوا: وأما بيان المخلص عن المعارضات فنقول يطلب هذا المخلص:
أولاً: من نفس الحجة.
ثانياً: فإن لم يوجد فمن الحكم.
ثالثاً: فإن لم يوجد فبمعرفة التاريخ نصاً فإن لم يوجد فبدلالة التاريخ.
فأما الأول وهو الطلب المخلص من نفس الحجة - فبيانه من أوجه:
أحدهما: أن يكون أحد النصين محكماً والآخر مجملاً أو مشكلاً فإن بهذا يتبين أن التعارض حقيقة غير موجود بين النصين وإن كان موجود ظاهرا فيصار إلى العمل بالمحكم دون المجمل أو المشكل.
وكذلك إن كان أحدهما نصاً من الكتاب أو السنة المشهورة والآخر خبر الواحد وكذلك إن كان أحدهما محتملاً للخصوص فإنه ينتفي معنى التعارض بتخصيصه بالنص الآخر كقوله عليه الصلاة والسلام: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها) ونهيه عن الصلاة في ثلاث ساعات.
(٢) كنز الوصول إلى معرفة الأصول للبزدوي ( ص ٢٠٠ )، بتصرف يسير.