- من أمثلة ذلك ما روي أن ابن عباس وأبيّ بن كعب رضي الله عنهما كانا يقرآن قوله: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) (١) فمن يتوهم ثبوت هذه القراءة الشاذة ويستدل بها على جواز نكاح المتعة - فإن ذلك يسبب له تعارضاً متوهماً مع الأحاديث الصحيحة والتي تدل على تحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة ومنها ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إن رسول الله - ﷺ - نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الإنسية(٢).
- ويندفع هذا الإيهام بمجرد معرفتنا أن هذه القراءة المستدل بها لا أصل لثبوتها لفقدها شرط التواتر أو صحة السند - فلا تعتبر قرآنا أصلاً.
- قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "وأما ما روي عن أبي بن كعب وابن عباس من قراءتهما (فما استمتعتم به منهن إلي أجل مسمي) فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب بالله شيئاً لم يأت به الخبر القاطع العذر عمن لا يجوز خلافه(٣).
- وقال ابن العربي: "إن هذه الرواية ضعيفة وإن القراءة الشاذة لا تعتبر في رسم ولا يبني عليها حكم فأما وقد استقر القرآن بنقل الصحابة أجمعين لفظاً وكتبهم خطاً فما وراء ذلك مطرح قرآنا وحكماً"(٤).
*... *... *
المطلب الثاني: توهم صحة الحديث
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: المغازي باب: غزوة خيبر (٤ /١٥٤٤، رقم ٣٩٧٩)، ومسلم في كتاب: النكاح باب: نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ (٢/١٠٢٧، رقم ١٤٠٧)، وكتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية (٣/١٥٣٧).
(٣) تفسير الطبري (٦ / ٥٨٩).
(٤) الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن العربي (٢ /١٦٩)، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني (٦ / ٢٧٥).