فقد يتوهم المرء الناظر صحة حديث ما فيستدل به على حكم ما من الأحكام ويكون الحكم حينها مخالفا لما تدل عليه آية من آيات القرآن الكريم - فيتسبب ذلك في تعارض ظاهري متوهم بين القرآن والسنة.
قال ابن القيم :" لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة، فإذا وقع التعارض، فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه - ﷺ -، وقد غلط فيه بعض الرواة، مع كونه ثقة ثبتاً، فالثقة يغلط، أو يكون أحد الحديثين ناسخاً للآخر إذا كان مما يقبل النسخ... "(١).
ويقول ابن السبكي :" اعلم أن تعارض الأخبار إنما يقع بالنسبة إلى ظن المجتهد، أو بما يحصل من خلل بسبب الرواة، وأما التعارض في نفس الأمر بين حديثين صح صدورهما عن النبي - ﷺ - فهو أمر معاذ الله أن يقع "(٢).
فمن الأمثلة على ذلك حديث (احرموا أنفسكم طيب الطعام فإنما قوي الشيطان أن يجري في العروق منها)(٣). مع قوله ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [الإسراء: ٧٠].
- قال القرطبي:-
"ولا أصل له لأن القرآن يرده والسنة الثابتة بخلافه"(٤).
*... *... *
المطلب الثالث: الإجمال والبيان
فالإجمال والبيان من أهم أسباب التعارض الظاهري بين القرآن والسنة حيث إن البيان هو وظيفة السنة الأولى قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: ٤٤].
(٢) الإبهاج شرح المنهاج ٣/٢١٨.
(٣) سيأتي تخريج الحديث وكلام العلماء عليه عند الكلام على (المسألة الحادية عشرة) من المسائل التطبيقية فانظره هناك.
(٤) تفسير القرطبي (١٠/٢٩٥)، وانظر المسألة (الحادية عشرة) من المسائل التطبيقية