- والمجمل في اصطلاح أهل الأصول " هو ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء - وعرفة بعضهم بأنه مالم تتضح دلالته(١)
- ويقابله المبين " وهو ما نص على معنى معين من غير إبهام "(٢)فقد يرد في بعض الأحيان لفظ من ألفاظ القرآن الكريم مجمل فيأتي حديث نبوي فيبين هذا الإجمال ضرورة كونه - ﷺ - مبنياً- فيتسبب هذا البيان في حصول إيهام تعارض لدى الناظر.
من أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: ٣٨].
فهذا يوهم التعارض مع الحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - ﷺ - قال: (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً).(٣).
ولكن هذا الإيهام يندفع إذا عرفنا أن الآية مجملة في مقدار القطع ونصابه في السرقة - والحديث مبين لذلك ناص على تعيينه. وأهل الأصول يقولون: المجمل يحمل على المبين(٤)فيحمل هنا ما ورد في الآية وهي مجملة لفظاً على ما جاء في الحديث وهو مبين لفظاً فينتفي هذا التعارض ويزول الإيهام.
قال الشافعي:
"ولا يصح عن النبي ﷺ أبداً حديثان صحيحان متضادان ينفي أحدهما ما يثبته الآخر من غير جهة الخصوص والعموم والإجمال والتفسير إلا على وجه النسخ وإن لم يجده"(٥).
*... *... *
المطلب الرابع: العموم والخصوص
(٢) أصول السرخسي (٢/٢٦)، وشرح الكوكب المنير (٣/٤٣٧).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب: قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ (رقم ٦٧٩٠)، ومسلم في كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها (رقم ١٦٨٤).
(٤) الإحكام للآمدي (٣ /٢٥ - ٢٦)، والمستصفي للغزالي (١ / ٤٨١).
(٥) نقله الشوكاني في إرشاد الفحول (٢ / ٢٦٢).