"التعارض إما أن يعتبر من جهة ما في نفس الأمر وإما من جهة نظر المجتهد، أما من جهة ما في نفس الأمر فغير ممكن بإطلاق".
وأما من جهة نظر المجتهد فممكن بلا خلاف إلا أنهم إنما ينظرون فيه بالنسبة إلى كل موضع لا يمكن فيه الجمع بين الدليلين وهو صواب فإنه إن أمكن الجمع فلا تعارض كالعام مع الخاص والمطلق مع المقيد وأشباه ذلك"(١).
فمن خلال ذلك تظهر فائدة الإلمام بمعرفة المطلق والمقيد ومتى يحمل أحدهما على الآخر والفرق بينهما وما فائدتهما في ألفاظ القرآن الكريم والسنة النبوية حتى لا يحدث تعارض واختلاف لدى الناظر المجتهد(٢).
*... *... *
المطلب السادس: الإحكام والنسخ
إن الإلمام والمعرفة بالناسخ والمنسوخ - والمحكم من نصوص القرآن والسنة النبوية له أهميته الكبرى التي لا تُنكر في مجال الدراسات الشرعية - إذ هناك أحكام ما شاء الله تعالى أن تنسخ بأحكام غيرها، حسبما تقتضيه مشيئته وإرادته تعالى، وقد يتعذر على المسلم أن يعبد ربه على بصيرة من أمر دينه - من غير أن يميز بين الحلال والحرام - وليس له إلى ذلك سبيل إلا بمعرفة ما نسخ من أحكامهما - الحلال والحرام - وما لم ينسخ وهذا بدوره له أثر في إيهام التعارض فقد يتوهم الناظر تعارضاً بين نصين وذلك بنفي أحدهما لما يوجبه الآخر من أحكام فيهما - ولا يمكن الجمع بينهما - وأحد النصين في الحقيقة ناسخ للآخر.
وقد عرف المحكم بأنه: " ما لم ينسخ أو ما لم يدخله نسخ فيقال هذا محكم وهذا منسوخ"(٣).

(١)... الموافقات للشاطبي (٥/٣٤٢).
(٢)... انظر: الإتقان للسيوطي (٢/٨٢)، وتفسير القرطبي (٢/١٦٨، ٢٢٢).
(٣) العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (١ / ١٥١).


الصفحة التالية
Icon