يقول الشاطبي: "المحكم يطلق بإطلاقين عام وخاص، فأما الخاص الذي يراد به خلاف المنسوخ وهو عبارة علماء الناسخ والمنسوخ سواء علينا أكان ذلك الحكم ناسخاً أم لا فيقولون هذه الآية محكمة وهذه الآية منسوخة - وأما العام فالذي يعني به: البيّن الواضح الذي لا يفتقر في بيان معناه إلى غيره"(١).
- وقد كثرت تعريفات العلماء للنسخ اصطلاحاً كما كثر حولها الشرح والنقد نظرا لأهمية البحث فيه والوقوف على ماهيته.
ولكن أشهر وأكثر هذه التعريفات هو أن يقال: " النسخ هو رفع الحكم الشرعي - بدليل شرعي آخر متأخر عنه "(٢).
- ومعنى رفع الحكم الشرعي أي قطع تعلقه بأفعال المكلفين لا رفعه هو فإنه أمر واقع والواقع لا يرفع.
- والدليل الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين إما على سبيل الطلب أو الكف أو التخيير. والدليل الشرعي أيضا هو وحي الله تعالى مطلقا متلواً أو غير متلو فيشمل الكتاب والسنة(٣). فقد تكون بعض نصوص القرآن الكريم منسوخة ويجهلها بعض الناس فيتوهم تعارض بين هذه النصوص القرآنية وبعض أحاديث من السنة النبوية في نفس الموضوع. من أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾ [البقرة: ٢١٧].
مع فعل النبي - ﷺ - وحصاره ثقيفاً بالطائف في الشهر الحرام(٤).
(٢) مناهل العرفان للزرقاني (٢ /١٢٧)، والمحصول للرازي (٣ /٢٨٢).
(٣)... انظر: مناهل العرفان للزرقاني (٢/١٢٧)، والإتقان للسيوطي (٢ /٥٥-٥٧)، والبرهان في علوم القرآن للزركشي (٢ /٢٨) وما بعدها.
(٤)... أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب: غزوة الطائف (رقم ٤٣٢٥)، وأخرجه مسلم في كتاب: الجهاد والسير باب: غزوة الطائف (٣/١٤٠٢، رقم ١٧٧٨)، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/١٢٣)، وعون المعبود (٥/٢٩٥).