- فإن الآية تدل على تحريم القتال في الأشهر الحرام بينما يدل الحديث على جواز ذلك بدون قيد أو شرط.
فمن خيل إليه أن الآية محكمة لا نسخ فيها فإنه يتوهم تعارضاً بين الآية والحديث - والحق بخلاف ذلك فان الآية منسوخة كما أطبق عليه العلماء - وبهذا يندفع التعارض ويزول الإشكال(١).
ومن هنا تظهر فائدة المعرفة والإلمام بعلم الناسخ والمنسوخ إذ قد يترتب على الجهل بهما تعارض متوهم بين القرآن والسنة وهذا ما لا يحمد دنيا ودينا.
*... *... *
المطلب السابع: المنطوق والمفهوم
عرف أهل الأصول المنطوق والمفهوم فقالوا: المنطوق: هو المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق به. وأما المفهوم فهو المعنى المستفاد من حيث السكوت اللازم للفظ(٢).
وينقسم المفهوم إلى قسمين:
١- مفهوم الموافقة والمراد به ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافقا لمدلوله في محل النطق وقد يسمي فحوى الخطاب أو لحن الخطاب.
٢- مفهوم المخالفة ومعناه ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفا لمدلوله في محل النطق ويسمى دليل الخطاب(٣).
فقد يتفق أحياناً دلالة مفهوم آية من آيات القرآن الكريم على حكم من الأحكام ويدل منطوق حديث من السنة على حكم مخالف لما دل عليه مفهوم الآية وكلا الدليلين متعلقان بموضوع واحد فيحدث ذلك إيهام تعارض بين الآية والحديث.
(٢) انظر: شرح الكوكب المنير (٢ /٢٥٢)، والتقرير والتحبير (١ /٣١٣) والإحكام للآمدي (٣ /١٦).
(٣) انظر: الإحكام للآمدي (٣ /٦٦ - ٦٩)، وشرح الكوكب المنير (٣ / ٤٨٩)، وإرشاد الفحول (٢/٣٨).