- وهو حكم بجواز التفضيل بين الأنبياء والمرسلين بينما يجد الناظر للحديث أنه ينهى عن هذا التفضيل وهو ما يتبادر إلى الذهن من وجود (لا) الناهية في قوله -- (لا تفضلوا) و(لا تخيروا) فنشأ إيهام تعارض من هنا ولكن بعد معرفتنا أن موضوع الآية يختلف عن موضوع الحديث يندفع هذا التعارض ويزول فالآية تثبت أن الرسل متفاضلون لكن بتفضيل الله تعالى لهم - بعضهم على بعض- حيث هو الذي أرسلهم - ولكن الحديث ينهي عن التفضيل العيني القائم على الهوى والتعصب العاري عن الدليل والحجة - فيزول الإيهام وتتضح الجهة - وهذا الذي قلناه هو ما قاله العلماء المفسرون وغيرهم(١).
*... *... *
المطلب التاسع: الاحتجاج بشرع من قبلنا
ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تتناول أحوال وشؤون الأمم الماضية وذكر لبعض آثارهم - وأخرى تتناول النبوات السابقة وتذكر شيئاً من الشرائع التي شرعها الله لهم ليتعبدهم بها كما قال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ [المائدة: ٤٥ ].
وقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾ [الأنعام: ١٤٦].

(١) انظر في ذلك تفسير الطبري (٣/١٧٤، ٢٤ /٣٣٠)، وتفسير ابن كثير (١/٣٠٥)، وتفسير القرطبي (٣/٢٦١، ٤/٦٣، ٧/٢٧٩، ١٠/ ٢٩٤ - ٢٩٥، ١٤ / ١٠٩) وتغليق التعليق لابن حجر العسقلاني (٥/٣٤٦)


الصفحة التالية
Icon