فيفهم من الآية أن صلاة الخوف في المعارك والغزوات ركعتان حيث إن كل واحدة من الطائفتين ستصلي مع الإمام ركعة بعد أخذ الثانية الحيطة والحذر من خلف الأُولى عند الصلاة، ثم تأتي الطائفة الثانية مكان الأولى والأولى مكان الثانية فتصلي الثانية مع الإمام وتأخذ الأولى الحيطة والحذر من خلف الثانية فالإمام يصلي ركعتين متحدتين معاً والطائفتان تصليانهما منفردتين هذا عن الآية - بينما يخبرنا الحديث أن صلاة الخوف ركعةٌ واحدة للإمام وللمأمومين على حد سواء- فيتسبب ذلك في إيهام التعارض بين الآية والحديث - لكنه يندفع بمجرد حمل الآية على حالها وهو قبل القتال أو في أوله تصلى ركعتين - ويحمل الحديث علي حال ما إذا حمي الوطيس واشتد البأس أثناء القتال تصلى ركعة واحدة(١).
*... *... *
المطلب الثاني عشر: حمل الآية على معنى مرجوح
بيان ذلك: أنه قد تختلف أقوال العلماء حول تأويل آية معينة من آيات القرآن الكريم ضرورة تفاوت الأفهام وصفاء القرائح والأذهان - فيصدر عن ذلك الاختلاف تأويلين للآية:
أحدهما: راجحاً والآخر: مرجوحا - فلو حملت الآية على معناها المرجوح وهو في المرتبة الثانية بعد الراجح - فقد ينشأ عن ذلك الحمل إيهام تعارض مع بعض نصوص السنة النبوية المطهرة. من أمثلة ذلك:
- قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، فالآية الكريمة يفهم منها اعتزال النساء أثناء حيضهن وعدم مباشرتهن
- بينما ورد حديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي - ﷺ - قال: (اصنعوا كل شئ إلا النكاح)(٢).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الحيض باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها (رقم ٣٠٢ ١/ ٢٤٦).