ومن الأمثلة على ذلك:- ما اعتقده أهل الاعتزال والجهمية وغيرهم ممن سار في ركابهم من عدم رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة متمسكين بما فهموه من ظاهر آي القرآن التي تكلمت عن ذلك من مثل قوله تعالى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقوله تعالى ﴿ قَالَ لَنْ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: ١٤٣].
ولا متمسك لهم في ذلك فإنهم استدلوا بها استدلالاً خاطئاً على نفي رؤية الله تعالي في الآخرة - فأدى ذلك بهم إلى تعارض هذه الآيات وما في معناها مع بعض الأحاديث التي ذكرت رؤية المؤمنين للباري سبحانه وتعالى يوم القيامة من أمثال ما ورد عن أبى هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه حجاب؟) قالوا لا يا رسول الله قال: (فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟) قالوا لا، قال: (فإنكم ترونه كذلك....) الحديث (١).
فهذا الاعتقاد الفاسد كان سببا لهذا الإيهام بين الآيات وهذه الأحاديث - هذا فضلا عن كونه مخالفا للصحيح الذي عليه أهل السنة والجماعة وأقره العلماء الأثبات(٢).
*... *... *
(٢) انظر في ذلك المسألة (الخامسة والعشرين) من المسائل التطبيقية حول قوله ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ وانظر تفسير الطبري (٥/١٥٥) وتفسير ابن كثير (٤/٤٥١) وفتح الباري لابن حجر (١١/٤٤٦، ١٣-٤٢٧)، وشرح النووي (١٨/١٠٣) ومجموع فتاوى ابن تيمية (١/٤٠٨)