المطلب الرابع عشر: حمل الآية القرآنية أو الحديث النبوي على المعنى المتبادر إلى الذهن
أنه قد يتبادر إلى ذهن الناظر من أول وهلة معنى من المعاني للآية أو الحديث - وينطبع لديه ذلك المعنى - بحيث يظن أنه المعنى الصحيح ويبني على ذلك المعنى حكما من الأحكام - فيبدو له حكم آخر من آية أو حديث آخرين يتوهم معارضته مع ما انطبع لديه من المعنى الأول - فيشكل ذلك عنده إيهاما للتعارض بين الآية والحديث.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى لنبيه - ﷺ - :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: ٦٧]، فقد يتبادر إلى ذهن الناظر أن النبي - ﷺ - معصوم من الأذى عموما قوليه وفعليه - فيتسبب ذلك في إيهام تعارض بين هذه الآية وما حدث للنبي - ﷺ - يوم أحد - حيث شُجّ وكسرت رباعيته وغير ذلك من صنوف الأذى التي عالجها رسول - ﷺ -، وبمجرد معرفة وبيان المعنى الصحيح للآية وهو أن المراد بالعصمة هي العصمة من القتل لا من مطلق الأذى وقيل إن هذه الآية نزلت بعدما أصيب الرسول - ﷺ - في غزوة أحد(١).

(١) لمزيد إيضاح انظر المسألة (الحادية عشرة) من المسائل التطبيقية، وانظر تفسير القرطبي (١٠/٦-٧)، وتفسير ابن كثير (٢/٧٠-٧٩-٨٠-٥٤٨-٥٦٠)


الصفحة التالية
Icon