لما كان موهم التعارض والاختلاف جزءاً لا يتجزأ من علوم القرآن الكريم والتي يجب على المفسر لكتاب الله أن يكون ملماً بها عُني به العلماء عناية كبيرة ظهرت في مؤلفاتهم وفي ثنايا تفاسيرهم - بل إن ظهور دفع موهم التعارض كان منذ صدر الإسلام الأول - حيث أن نصوص الإسلام بمصدريه الكتاب والسنة كان لها الأثر الكبير في تحريك قوى العقل نحو التفكير والتدبر سواء كان هذا التدبر في كتاب الله المستور وهو الكون وما فيه أو في كتاب الله المسطور وهو القرآن الكريم، خلافاً لما كانت عليه الإنسانية قبل أن تشرق الأرض بنور ربها، إيذاناً بميلاد هذا الدين بابتعاث سيدنا محمد - ﷺ - من التقليد الأعمى في مجال العقيدة والأخلاق على حد سواء قال تعالى: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: ٢٢].
- ولقد توافق ظهور الاهتمام بدفع موهم التعارض بين القرآن والسنة مع عناية الصحابة رضي الله عنهم بتعلّم القرآن وتعليمه ومحاولتهم فهمه والوقوف على معرفته وتفسيره لذا قد وجدنا في كلام النبي - ﷺ - نفسه دفعاً لما يتوهم أنه من المتعارض بين القرآن الكريم وكلامه - ﷺ - وفعله - ونراه يبعد ذلك عن أذهان أصحابه رضي الله عنهم.