فقد قالت عائشة رضي الله عنها لما سمعت حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق: رحم الله ابن عمر والله ما حدث رسول الله - ﷺ - إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله - ﷺ - قال: (إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه) وقالت حسبكم القرآن
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾، قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك: والله هو أضحك وأبكى(١).
وفي رواية بزيادة: فقالت عائشة رضي الله عنها يغفر الله لأبي عبد الرحمن - أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطا وإنما مر رسول الله - ﷺ - على يهودية يُبكى عليها فقال: (إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها)(٢).
فقد دفعت عائشة رضي الله عنها ما يتوهم أنه تعارض بين قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: ١٦٤]. وبين ما رواه عمر وابنه رضي الله عنهما - وذلك بترجيحها الآية على الحديث - وبينت أن رواية الحديث بهذا اللفظ خطأ - وأعذرت إلى راوييه رضي الله عنهما بأنهما لم يكذبا وإنما نسيا.
٣- ما ورد عن الشعبي رضي الله عنه من حديث فاطمة بنت قيس(٣)
(٢) أخرجه مسلم في كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٢/٦٤٣، رقم ٩٣٢).
(٣) فاطمة بنت قيس، كانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل وكمال، في بيتها اجتمع أصحاب الشورى عند قتل عمر بن الخطاب، قال الزبير: وكانت امرأة نجوداً. والنجود: النبيلة. صحابية مشهورة.
... انظر: الاستيعاب (ص ٩٢٩) رقم (٣٤١٥)، والتقريب (ص ١٣٦٧) رقم (٨٧٥٤).