أن رسول الله - ﷺ - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة. وقد قالت ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فردّ خبرها وقال: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت - لها السكنى والنفقة - قال الله عز وجل ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: ١] (١).
فقد رد هنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يوهم التعارض بين آية سورة الطلاق وحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما وذلك بترجيح الآية على حديثها - في مجمع من الصحابة من غير نكير من أحد منهم - لعدم الاطمئنان إلى روايتها لاحتمال قلة ضبطها أو نسيانها(٢).
ومسائل ومواقف الصحابة في رد ما أوهم تعارضا بين القرآن والسنة أكثر من أن تحصى - وعلى دربهم درج التابعون وتابعوهم ودفعوا الموهم للتعارض بين القرآن والسنة مرة بالجمع والتوفيق ومرة بالنسخ وغيره من مسالك العلماء في ذلك وتلك أمثلة على ما سبق:-
١- ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) (٣).

(١) أخرجه مسلم في كتاب: الطلاق باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (٢/ ١١١، رقم ١٤٨٠).
(٢) انظر ذلك مفصلاً في: فتح الباري لابن حجر (٩/٤٨١)، وشرح الزرقاني (٣/٢٧٠)، وتحفة الأحوذي (٤/٢٩٦)، ونيل الأوطار للشوكاني (٧ / ١٠٤ - ١٠٦).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: البيوع باب: بيع المدبر (رقم ٢٢٣٤)، ومسلم في كتاب: الحدود باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنى ( ٣ /١٣٢٨، رقم ١٧٠٣).


الصفحة التالية
Icon