- ومن النقد والرد ما قاله ابن حجر على نفس الحديث السابق من إسقاط لفظة (لا) من قوله - ﷺ - (فلا يصم) حيث استدل به بعض أهل العلم على أن قوله "فلا يفطر" سيصبح "فليفطر".
قال ابن حجر:
"وهذا بعيد بل باطل لأنه يستلزم عدم الوثوق بكثير من الأحاديث وإنها يطرقها مثل هذا الاحتمال وكأن قائله ما وقف على شيء من طرق هذا الحديث إلا على اللفظ المذكور"(١)، فقد ردّ ابنُ حجر- رحمه الله تعالى - هذا القول وذلك بذكر لازمه وهو ما يترتب على ذلك الإسقاط من عدم الوثوق بكثير من الأحاديث التي ترد من عدة طرق - وكل هذا خروج من دائرة إيهام التعارض ودفعه بسلوكه مسلك الرد للرواية المذكورة - وجمعاً بين الحديث السابق وقوله تعالى: ﴿ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ٠٠٠٠ ﴾ الآية [ البقرة: ١٨٧]. والله تعالى أعلم...
*... *... *
المبحث الثالث
مسالك العلماء في دفع موهم التعارض بين القرآن والسنة
لا شك أن البحث في موهم التعارض بين القرآن والسنة من الأهمية بمكان لتعلقه بمصدري التشريع الإسلامي- القرآن الكريم والسنة النبوية - من جهة ولما ينبني على ما يوهم التعارض من أحكام تعبدية- من جهة أخرى.
ويكاد يكون البحث في مسالك العلماء لدفع هذا التعارض المتوهم يأخذ نفس هذه الأهمية - لأنه من خلاله يتعرف المجتهد الناظر على طرق دفع التعارض - وكيف له استخدامها متى دعت الحاجة لذلك.
بيد أني قبل أن أذكر هذه المسالك المهمة - أريد أن أنبه إلى أن جمهور العلماء رتبوا هذه المسالك من الأهم إلى المهم أو الأفضل فالفاضل:
فهم يقدمون الجمع، ثم النسخ، ثم الترجيح، ثم التوقف وقد خالف جمهور العلماء في هذا الترتيب فريقان:-