هو بيان التوافق والائتلاف بين الأدلة الشرعية سواء أكانت عقلية أم نقلية وإظهار أن هذا الاختلاف غير موجود بها-أي بين الدليلين - حقيقة وذلك بتبادل الطرفين أو أحدهما(١).
ثالثاً: كيفيته:
لم يغفل العلماء كيفيةَ الجمع بين الأدلة - أو كيف يستخدم الجمع بين الأدلة في دفع ما يتوهم من التعارض - بل إنهم ذكروا طرقا للجمع - وبالتأمل في كلامهم بهذا الخصوص يمكن تقسيم الدليلين المتعارضين ظاهرا - واللذين يمكن الجمع بينهما إلى ثلاثة أقسام:-
١- القسم الأول: ما أمكن الجمع بينهما بالتصرف في أحد الطرفين المعينين - إما بالجمع بالتخصيص، بأن يكون أحد الدليلين عام، والآخر خاص فيتعين التصرف في العام الأكثر أفرادا ليكون موافقا للخاص الأقل أفرادا فيحمل العام على الخاص كما قرره أصحاب الأصول(٢).
- وإما الجمع بالتقييد وذلك عندما يكون أحد الدليلين مطلقاً والآخر مقيداً فيتعين على الناظر - التصرف في المطلق فيحمل على المقيد(٣).
٢- القسم الثاني: الجمع بالتصرف في أحد الطرفين المتعارضين غير المعين - بمعنى أن يكون بين الدليلين عموم وخصوص وجهي لا مطلق وذلك بأن يكون أحدهما عاما من وجه وخاصاً من وجه آخر فيتعين حمل أحدهما على الآخر بعد طلب الدليل على ذلك.
(٢) سبق الكلام على ذلك عند الحديث عن أسباب إيهام التعارض بين القرآن والسنة فراجعه هناك وانظر شرح اللمع للشيرازي (١/٣٦٤-٣٦٧)، والمستصفي للغزالي (٢/١٥٥).
(٣) شرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/٦١٠)، والعدة لأبى يعلى (٢/٦٢٨)، وانظر أسباب إيهام التعارض من هذا البحث.