٣- القسم الثالث: الجمع بينهما بالتصرف في كل ٍمن الطرفين المتعارضين وذلك بحمل كل واحد من الطرفين على خلاف ظاهره - وهذا لا يكون إلا إذا وجد بين الدليلين تباين كلي بحيث يكونا عامين أو خاصين فيرجح بينهما بحمل أحد الطرفين على حالة وحمل الطرف الآخر على حالة أخرى.
رابعاً: شروطه:
وحتى لا يكون الجمع بين المتعارضات مرتعاً لكل ذي هوى ً أو زيغ من أرباب التحريف والتبديل - وصيانة لنصوص الشريعة من تزايد هؤلاء، وضع علماء الأصول شروطا لا يقبل الجمع إلا عند توفرها - منها: -
١- تحقق التعارض: أي التعارض المصحوب بحجية المتعارضين - بمعنى أن يكون كل منهما ثابت الحجة - وذلك بصحة الحديث سنداً ومتنا ً- لأنه عند عدم تحقق ذلك بأن يكون الحديث ضعيفاً أو شاذاً - فتعتبر الآية أو الحديث الصحيح المقابل سالمين عن المعارضة - فلا ضرورة للجمع - وإن طلب الجمع حينئذ فسيكون ضرباً من العبث لاغير.
٢- ألا يكون الجمع حاملاً تأويلا بعيداً - كما هو الحال عند بعض الفرق التي تلوي عناق النصوص لتؤيد بها مذهبها في بعض المسائل فيصطدم ذلك مع كلام الله تعالى.
- ومع ما قررته قواعد اللغة العربية وما عرف من مبادئ الشريعة السامية.
٣- أن لا يؤدي الجمع إلى بطلان نص من النصوص الشريعة أو بطلان جزء منه.
٤- أن يحمل الباحث في الأدلة المتعارضة أهليته لذلك العمل فلا يجوز أن يتصدى للجمع بين الأدلة أي أحد.
قال النووي: "وإنما يقوم بذلك غالبا الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه والأصوليون المتمكنون في ذلك الغائصون على المعاني الدقيقة الرائضون أنفسهم في ذلك فمن كان بهذه الصفة لم يشكل عليه من ذلك إلا النادر في بعض الأحيان"(١).
٥- أن يستخدم الناظر المجتهد في الجمع طرقه الصحيحة كدلالة المنطوق والمفهوم وحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص وغير ذلك من طرق الجمع.