بعد التأمل الدقيق في مجمل الأعمال العلمية التي سبقتني في موضوع ايهام التعارض بين نصوص الكتاب والسنة بدا لي أن التكامل العلمي والمنهجي بين هذا الجهد المتواضع وكل الأعمال التي سبقتني تقتضي الوقوف عند جملة من المسائل الهامة قصد توضيحها أوتكميل ماظهر لي فيها من اختصار حتى يخرج هذا العمل متناسقا يغطي مجمل الجوانب العلمية المتعلقة به يحسن لنا التمهيد لذلك بما يلي:
١- السنة ومكانتها في الإسلام.
٢- التحذير من جعل ايهام التعارض بين الكتاب والسنة مدخلا لسوء فهم النصوص الشرعية.
أولاً: مكانة السنة النبوية في الإسلام
لا ريب في أن المصدرين الأساسين للشريعة الإسلامية هما كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ - ومنهما أخذت جميع الأحكام الشرعية الإسلامية والتي هي مناط التكليف الإسلامي الحنيف.
ولم تكن السنة عند أولي الألباب - ولن تكون أقل شأناً من القرآن الكريم فقد حظيت بما حظي به من الاهتمام - والتفت حولها الأفهام وتكاتفت الجهود خدمة لحديث خير الأنام - ﷺ - (١)
بل وجعل الشارع الحكيم - التزام السنة - والسير على نهجها - التزاماً بالشرع - فقال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾
[ النساء: ٨٠ ].
بل وجعل تحكيمها والعمل بمقتضاها في أمر ونهي - شرطاً للإيمان فقال أيضاً: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ النساء: ٦٥ ]