وقت نزولها وسببه:
سورة الكهف مكية في قول جميع المفسرين.
قيل: إن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله: ﴿جُرُزًا﴾ وهو ضعيف. وقيل: إنها مكية غير آيتين منها وهما قوله تعالى:

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَك ﴾ [الآيتان ٢٨ و٢٩].
قيل إنهما نزلتا في المؤلفة قلوبهم: عيينة بن حصن والأقرع بن حابس عندما طلبوا من رسول الله ﷺ أن يخصم بمجلس يبتعدون فيه مع رسول الله صلى اله عليه وسلم عن فقراء المسلمين أمثال سلمان، وأبي ذر لئلا تؤذيهم روائح جباب الصوف التي يلبسونها.
وقد تكون الرواية صحيحة إلا أن جعلها سبب نزول آيتي الكهف فيه بعد، وكثيرًا ما يربط المفسرون بين روايات حدثت بالفعل وفيها معنى معين، فيربطونها بمعنى الآية المتضمنة للحكم ويجعلون الرواية سبب نزول الآية. وأمثلة ذلك كثيرة في كتب التفسير.
والراجح أن سورة الكهف مكية كلها، وأمر رسول الله ﷺ بصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وكذلك آيات سورة الأنعام:
﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الآيات من ٥٢-٥٤].
فإنها نزلت عندما سأل بعض زعماء قريش رسول الله ﷺ أن يبعد عن مجلسه صهيبًا وبلالًا وعمارًا -من فقراء الصحابة؛ ليجلسوا إليه.


الصفحة التالية
Icon