كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صنْعًا}، [الكهف: ١٠١-١٠٤].
إنهم عطلوا وسائل المعرفة، فأعينهم عليها غشاوة، وفي آذانهم وقر فلم يتدبروا آيات الله المبثوثة في الآفاق والأنفس ولم يقرءوا كتاب الله المفتوح لكل ذي بصر ألا وهو مخلوقات الله في هذا الكون الفسيح، وأدى بهم تفكيرهم القاصر إلى ربط الضر والنفع بما بين أيديهم من المخلوقات فاتخذوا العباد أولياء من دون الله، وهم بذلك يظنون -وخاب ظنهم- أنهم يحسنون صنعًا فزين لهم شركاؤهم تكذيب رسل الله والكفر بالبعث عبد الموت، فكانت جهنم لهم نزلًا.
٦- القيمة الحقيقية للحياة الدنيا وما يجري فيها: إن من المبادئ الراسخة في العقيدة الإسلامية أن الأرض وما عليها من الكائنات مصيرها الزوال، وأن هذه الحياة على هذا الكوكب حياة مؤقتة، وأن الحكمة من وجودها الابتلاء والاختيار، وأن هذه الحياة مزرعة الآخرة فما زرعه الإنسان في هذه الحياة سيحصد ثماره في الحياة الآخرة.
وأن المقصد من متع هذه الحياة جعلها وسيلة للحياة الباقية وأنها إن لم ترتبط بالقيم الصحيحة الباقية زلت واندثرت باندثار ما على الأرض وكانت وبالًا على أصحابها.
هذه الحقيقة عرضت عرضًا معجزًا في افتتاحية السورة وخاتمتها ففي الافتتاحية جاءت في قوله تعالى:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: ٧، ٨].
وجاء ذكر مصير ما تعلقت به نفوس أهل الدنيا، وآثروه على كل شيء وجعلوه مقياس التفاضل والتعظيم واحتكموا إلى مقاييسه المادية كل ذلك لم يكن له وزن في ميزان الله يوم القيامة بل انهارت وذهبت أدراج الرياح:


الصفحة التالية
Icon