ومن الجوانب المتعلقة بالرسول ﷺ في هذه الافتتاحية تحديد مهمته وحصرها في: الإنذار والبشارة.
الإنذار لمن تقول الكذب والافتراء على الله سبحانه وتعالى، تقليدًا لآبائهم، وهذه الفرية ناتجة عن جهل عقولهم، وغفلة قلوبهم وطمس بصائرهم.
أما البشارة فهي للمؤمنين١ بالغيب، بالمثل والقيم التي أنزلها بالوحي على رسوله.
الحقيقة الرابعة:
المسئولية والحساب والأجر:
إن من مستلزمات الإيمان الالتزام بالسلوكيات التي يفرضها الإيمان فإن من بدهيات العقل، أن لكل عقيدة يعتقدها الإنسان سلوكًا ينبثق عنها، وأخلاقًا تظهر على معتنقي هذه العقيدة، لذا كان من الطبيعي عند العقلاء أيضًا أن يربطوا بين المظاهر السلوكية والعقائد التي يتبناها الناس.
ولما لم يخلق الإنسان عبثًا، فلا بد من رجوعه إلى خالقه ليكافئ المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥] فلا بد من المثوبة والأجر الحسن اللائق بصاحب الإيمان والعمل الصالح، والخلود الدائم غير المنقطع في جنات عرضها السماوات والأرض.
ومن الملاحظ هذا التأكيد في الخلود ﴿مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ وفي ذلك تطمين كبير، لأن من أهم منغصات الشهوات والملذات لأهل الدنيا هو تحققهم من زوالها عنهم، أو زوالهم عنها مهما امتد بهم العمر.
وبالمقابل فإن المسئولية والجزاء لهؤلاء المفترين الكاذبين الذين نسبوا إلى

١ لم يرد مع كلمة "المؤمنين" الجار والمجرور، والأصل أن يقال: المؤمنين بكذا، وفي ترك ذلك تعميم بحيث ينصرف الذهن إلى كل محتمل في هذا الصدد، وهو أسلوب مطرد في القرآن الكريم.


الصفحة التالية
Icon