وقد علم كل مقصر وكامل أن الله سبحانه وصف هذا القرآن بأنه عربي فأنزله بلغة العرب وسلك فيه مسالكهم في الكلام وجرى فيه مجاريهم في الخطاب. وقد علمنا أن خطيبهم كان يقوم المقام الواحد فيأتي بفنون مختلفة وطرائف متباينة فضلًا عن المقامين فضلًا عن المقامات فضلًا عن جميع ما قاله ما دام حيًا وكذلك شاعرهم.
ولنكتف بهذا التنبيه على هذه المفسدة التي يعثر في ساحاتها كثير من المحققين١. ا. هـ.
هذه وجهة النافين لهذا اللون من البحث، وهذه حججهم وردودهم على القائلين بوجود المناسبات بين الآيات والسور.
ولا شك أن هذا العلم دقيق المسالك خفي المدارك، وهو من العلوم التي تحتاج إلى بذل الجهد في التتبع والاستقصاء اللغوي لدلالات الألفاظ القرآنية، والإحاطة بأسباب النزول، والتوسع في أفانين علم البلاغة والأساليب البيانية، وفوق كل ذلك ينبغي أن يكون الباحث ذا حس مرهف ونفس شفافة وذكاء لماح ليدرك سر هذا الترتيب للآيات التي وضعت بجوار بعضها، وقد أكدت الأخبار الصحيحة عن المعصوم أن الفاصل الزمني بينها يتجاوز السنوات العديدة أحيانًا.
ونحن نسلم أن بعض العلماء الباحثين في وجوه المناسبات قد تكلفوا أحيانًا في استخراج وجه المناسبة، ولكن تكلفهم هذا لا ينبغي أن يكون ذريعة لرد الوجوه المعقولة المقبولة التي ذكرها الآخرون.
ونؤمن إيمانًا جازمًا أن ترتيب الآيات في السور كان بأمر من رسول الله ﷺ لكتبه الوحي، ولم يكن لأحد رأي واجتهاد في ذلك.