والمجتمعات التي تكاثرت بالتناسل وانتشرت في أطراف المعمورة، كلما أصاب الغبش تصورها في العقيدة، واختلطت أمامها السبل بالانحراف عن سبيل الله أرسل الله سبحانه وتعالى إليها رسلًا لإعادتها إلى الصراط المستقيم ولإزالة الغبش عن عقائدها وتصوراتها.
﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤].
﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: ٢١٣].
من هنا ندرك انحراف المناهج التي سلكها علماء الاجتماع ومقارنة الأديان، عندما قصدوا الغابات ورءوس الجبال والمناطق المعزولة عن العالم المتحضر لدراسة عقائد سكان هذه المناطق ليصلوا من خلال دراساتهم هذه إلى أصل نشوء فكرة الأديان ومن ثم تطورها. وخطأ هذا المنهج يبدأ من اقتراضهم الخاطئ أن الإنسان هو الذي يكون عقيدته ويطورها حسب تطور ظروفه المعيشية وحياته الاجتماعية ومستواه الثقافي١.
والمنهج القرآني يلغي الافتراض من أساسه لأن عقيدة الإنسان الأول، وعقيدة الأسرة الأولى كانت عقيدة التوحيد والإيمان بالهدايات الربانية المنزلة -الوحي- والإيمان باليوم الآخر. وكان الناس أمة واحدة على هذه العقيدة، فلما ابتعدوا عن المنهج الرباني وبعد عهدهم بهذه الهدايات ووجدت الاختلافات بين الناس أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ويعيدوهم إلى حظيرة التوحيد وإلى الالتزام بالمنهج الرباني مرة أخرى.
- والرسالات لم تنشأ في تلك المجتمعات المتخلفة أو البدائية، بل كان