القسم الثالث: إذن الشيخ للطالب في الرواية عنه مروياته التي لم يقرأها عليه ولم يسمعها منه، وفي جواز الرواية بها خلاف بين العلماء، فأبطلها جماعة من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول، قال القسطلاني بعد تقريره العمل بها عند المحدثين: "وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءة، الظاهر نعم، قال ابن الجزري: "جوز العمل بها مطلقاً.. "
الحاصل أن الإجازة من الشيخ إلى الطالب الذي لم يقرأ عليها منعها القراء إلا بشرط وهو أن يكون الطالب ذا أهلية وعلم الشيخ أهليته، وقد كاتب ابن الجزري بعض العلماء بالشام ومصر في أخذ الإجازة له ولأبنائه فأجازوه مع أنه لم يقرأ عليه ولكن لكمال أهليته وعلمهم بمكانته ومكانة من طلب له الإجازة.
آخر المواضيع الأخيرة وهو الوجادة، هذه الوجادة أجازها علماء الحديث بشرطها ولا يجيزها علماء القراءات بأي حال. وقد ذكر ابن الجزري نماذج لها من كتاب الروضة لأبي علي المالكي وذكر أمثلة، فالوجادة بكسر الواو مصدر مولد، وكيفيتها أن يقول وجدت ولا يصح أن يقول فيما وجده قرأت أو سمعت أو حدثنا، وكلام ابن الجزري مذكور ولعل هذا إن شاء الله سينشر في الموقع.
فالشاهد أن موضوع الإجازة من الموضوعات الهامة التي ينبغي الاهتمام بها، وينبغي للمجيز أن يتقي الله عز وجل فيمن يجيز، فلا يجيزه إلا إذا كان ذا أهليةٍ كما نبه على ذلك العلماء قديماً وحديثاً، وما سمعنا كما قال الدكتور الآن من يجيز من غير تمحيص ومن غير تنقيح فهذا لا يجوز، بل إن بعض العلماء كان لا يجيز إلا من تعلم الرسم إلى جانب القراءات، ولا زال هذا موجود في أفريقيا وفي موريتانيا، كانوا لا يجيزون إلا من قرأ المقرأة أو الرواية مع العلم بالرسم والضبط لاتصال هذين الفنين ببعضهما البعض.