وقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) قال: "كان رسول الله ﷺ يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه إلى قوله أنزل الله لا تحرك به لسانك "، وهو في الصحيح. وفي حديث آخر أنه ﷺ أسرّ إلى فاطمة "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وإنه عارضني هذا العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي ".
من آية القيامة ومن الأحاديث المتقدمة وما شابهها يتبين أن النبي ﷺ أخذ القرآن مشافهة عرضاً وسماعاً على جبريل عليه السلام وهي أصل في هذا الباب، إذ يعرف العرض بأنه قراءة الطالب على الشيخ، وهو أثبت وأوكد من السماع. والسماع هو التلقي من لفظ الشيخ، وهذا النوع أي أعني السماع لا يكفي في تأدية القرآن صحيحاً كما نزل، إذ ليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته.
إخوتي الأفاضل:
إن الإجازة القرآنية نوع من الإجازات العلمية المتعددة، وهناك إجازات المحدثين وهي الأصل في هذا الباب، وإجازات الفقهاء وإجازات القراء وإجازات القضاة وإجازات الخطاطين وإجازات الشعراء بل وإجازات الأطباء، وإن هناك إجازات أخرى تقديرية وتكريمية بين العلماء بعضهم بعضاً وبين العلماء والملوك والأمراء، فشملت الإجازات العلمية سائر العلوم الدينية وتجاوزتها بشكل سريع إلى العلوم الإنسانية والمادية بل وأصبحت الإجازة بحدّ ذاتها أمنية لكل مسلم في نيلها والحصول عليها بل ويلحون في طلبها.
المبحث الأول: تعريف الإجازة: