وأما الإجازة -أيها الإخوة -فليست شرطاً في الإقراء. إن عدم حصول إجازة علمية عند الشيخ من المشايخ ليست دليلاً على هبوط مستواه العلمي، فما أكثر من ارتفعت سمعتهم العلمية وهم لم تسعفهم الظروف لأخذ إجازات علمية من مشايخهم، وهي بذلك تشبه الشهادات العلمية المختصة في الوقت الحاضر، والتي لا يعني الحصول عليها أن حاملها لا يشق له غبار في تخصصه؛ لأنها أحياناً تكون غير دقيقة أو لا تمثل الواقع العلمي للشخص الحاصل عليها، وللسيوطي يرحمه الله تعالى كلام نفيس في هذا.
المبحث السادس: أخذ المال على الإجازة القرآنية:
وأما أخذ المال على الإجازة، فإن أخذ المال على الإجازة القرآنية لا بأس بذلك ما لم يشترط، وأما إن اشترط أخذ المال على الإجازة سواءً كان قبل الإجازة أو بعدها فقد نقل السيوطي يرحمه الله تعالى على عدم جواز ذلك ونقل في ذلك أيضاً الإجماع.
المبحث السابع: الإجازة بأحد أوجه الرواية:
وأما الإجازة بأحد أوجه الرواية فقد اتفق جميع العلماء من أهل القراءات على جواز ذلك، وهي أن يأتي القارئ بوجه واحد من أوجه القراءة.
المبحث الثامن: الإجازة بالقرآن كله والعرض لبعضه:
وأما الإجازة بالقرآن كله والعرض لبعضه فيقول ابن الجزري يرحمه الله تعالى في ترجمة محمد بن أحمد الأصبهاني: "ودخل الروم فلقيني بأنطاكيا متوجهاً إليها من الشام فقرأ عليّ للعشرة بعض القرآن وأجزته ثم توجه إلى مدينة دراندا فأقام بها يقرأ الناس ". وإن الإجازة – أيها الإخوة – بالقرآن كله وعرض التلميذ على الشيخ بعض القرآن سواءً كان في القراءات السبع أم في العشر، وهو أحد الإجازات القرآنية الثلاث التي تأتي والتي لا تتأتى إلا لمن بلغ درجة كبيرة في الإتقان، وهذا هو الشرط في مثل هذا النوع من الإجازات.
المبحث التاسع: الإجازة بالسماع:
وأما الإجازة بالسماع فقد تقدم كلام الشيخ يحفظه الله تعالى، وأيضاً شرطه هو أن لا يتأتى إلا لمن بلغ درجة كبيرةً في الإتقان.