قوله تعالى (إلى المرافق) قيل إلى بمعنى مع كقوله " ويزدكم قوة إلى قوتكم " وليس هذا المختار، والصحيح أنها على بابها وأنها لانتهاء الغاية، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة وليس بينهما تناقض، لان إلى تدل على انتهاء الفعل، ولا يتعرض بنفى المحدود إليه ولا بإثباته، ألا ترى أنك إذا قلت: سرت إلى الكوفة، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها وأن تكون دخلتها، فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك: سرت إلى الكوفة، فعلى هذا تكون إلى متعلقة باغسلوا، ويجوز أن تكون في موضع الحال وتتعلق بمحذوف، والتقدير: وأيديكم مضافة إلى المرافق (برء وسكم) الباء زائدة، وقال من لا خبرة له بالعربية: الباء في مثل هذا للتبعيض، وليس بشئ يعرفه أهل النحو، ووجه دخولها أنها تدل على إلصاق المسح بالرأس (وأرجلكم) يقرأ بالنصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الوجوه والايدى: أى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، وذلك جائز في العربية بلا خلاف، والسنة الدلالة على وجوب غسل الرجلين تقوى ذلك.
والثانى أنه معطوف على موضع برء وسكم، والاول أقوى لان العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع.
[٢٠٩]
ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء: أى وأرجلكم مغسولة أو كذلك.
ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب. وفيها وجهان: أحدهما أنها معطوفة على الرء وس في الاعراب والحكم مختلف، فالرء وس ممسوحة والارجل مغسولة، وهو الاعراب الذى يقال هو على الجوار، وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته، فقد جاء في القرآن والشعر، فمن القرآن قوله تعالى " وحور عين " على قراء ة من جر، وهو معطوف على قوله " بأكواب وأباريق " والمعنى مختلف، إذ ليس المعنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين، قال الشاعر وهو النابغة:
لم يبق إلا أسير غير منفلت * أو موثق في حبال القد مجنوب
والقول في مجرورة والجوار مشهور عندهم في الاعراب، وقلب الحروف ببعضها إلى بعض والتأنيث وغير ذلك.


الصفحة التالية
Icon