قوله تعالى (وأن احكم بينهم) في أن وجهان: أحدهما هى مصدرية، والامر صلة لها. وفى موضعها ثلاثة أوجه: أحدها نصب عطفا على الكتاب في قوله " وأنزلنا إليك الكتاب " أى وأنزلنا إليك الحكم.
والثانى جر عطفا على الحق: أى أنزلنا إليك بالحق وبالحكم، ويجوز على هذا الوجه أن يكون نصبا لما حذف الجار.
والثالث أن يكون في موضع رفع تقديره: وأن احكم بينهم بما نزل الله أمرنا أو قولنا، وقيل أن بمعنى: أى، وهو بعيد لان الواو تمنع من ذلك والمعنى يفسد ذلك، لان أن التفسيرية ينبغى أن يسبقها قول يفسر بها، ويمكن تصحيح هذا القول على أن يكون التقدير: وأمرناك، ثم فسر هذا الامر باحكم (أن يفتنوك) فيه وجهان: أحدهما هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال: أى احذرهم فتنتهم. والثانى أن يكون مفعولا من أجله: أى مخافة أن يفتنوك.
قوله تعالى (أفحكم الجاهلية) يقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وفتح الميم والناصب له يبغون، ويقرأ بفتح الجميع، وهو أيضا منصوب بيبغون: أى احكم حكم الجاهلية، ويقرأ تبغون بالتاء على الخطاب لان قبله خطابا، ويقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وضم الميم على أنه مبتدأ، والخبر يبغون، والعائد محذوف: أى يبغونه وهو ضعيف، وإنما جاء في الشعر إلا أنه ليس بضرورة في الشعر، والمستشهد به على ذلك قول أبى النجم: قد أصبحت أم الخيار تدعى * على ذنبا كله لم أصنع فرفع كله، ولو نصب لم يفسد الوزن (ومن أحسن) مبتدأ وخبر، وهو استفهام في معنى النفى، و (حكما) تمييز، و (لقوم) هو في المعنى عند قوم (يوقنون) وليس المعنى أن الحكم لهم، وإنما المعنى أن الموقن يتدبر حكم الله فيحسن عنده، ومثله " إن في ذلك لآية للمؤمنين - ولقوم يوقنون " ونحو ذلك، وقيل هى على أصلها، والمعنى: إن حكم الله للمؤمنين على الكافرين، وكذلك الآية لهم: أى الحجة لهم.
قوله تعالى (بعضهم أولياء بعض) مبتدأ وخبر لاموضع له.


الصفحة التالية
Icon